حسن حاتم المذكور
يذكرنا التاريخ بأحداث مآساويـة مرت بهـا المدن العراقيـة ’ ومـن بينهـا كوارث الطاعون والكوليرا واوبئـة متداخلـة اخرى الى جانب الفيضانات والغزو والسلب ’ ويذكر ان الكارثـة عندما تمـر يأخـذ النسيان
طريقـه الى قلوب الناس ويواصل المجتمع حياتـه ’ وبعد تطور العلم والأكتشافات وأتساع ابعادهمـا ’ دخلت الى العراق بعض الأمصال المضادة الى جانب اساليب الوقايـة والعلاجات السريعـة وتطويق الأوبئـة عند بدايتهـا .
طريقـه الى قلوب الناس ويواصل المجتمع حياتـه ’ وبعد تطور العلم والأكتشافات وأتساع ابعادهمـا ’ دخلت الى العراق بعض الأمصال المضادة الى جانب اساليب الوقايـة والعلاجات السريعـة وتطويق الأوبئـة عند بدايتهـا .
عاشت المدن العراقيـة فترات مـن الأمن والبنـاء والتطور الثقافي والأجتماعي والصحي ’ ولـم يذكـر ومنذ اجيال عديدة ان هناك ثمـة كارثـة وقعت واستطاعت ان تحصـد ارواح الألاف مـن الناس مـرة واحـدة او خـراب عـاد بالمدن العراقيـة الى ازمنـة الكوارث المروعـة ’ ولـم يكن مـن المتوقع ان هناك كوارثـاً ( ليس بالظرورة ان تكون طبيعيـة ) ستكرر دورة الموت اليومي والأبادة الجماعيـة ’ فكانت المفاجئآة غير المتوقعـة اطلاقاً فـي يـوم 08 / شباط / 1963 الأسود حيث تمت تصفيـة وابادة اكثر مـن عشرة الآف شهيـداً مـن خيرة بنات وابنـاء العراق وخلال عشرة ايام فقـط .
ان الطاعون البعثـي الذي استمرت اصاباتـه وعدواه لخمسـة عقود تقريبـاً ’ سيتواصل وبـاءً فتاكـاً لأجيال عـديدة .
حلبجــة التي لـم تغادر سـرير برائتهـا صباح 16 / 03 / 1988 ’ تتثائب متكاسلـة لأن احلام الناس وافراحهـم لا زالت غافيـة فـي احضانهـا ’ عبث الأطفال وجـدل الحبايب وود التحايـا وقهقهـة المسنين وحيويـة حركـة الباعـة والمارة والمتجولين ’’ انهـا حلبجـة تمارس يومهـا وعيونهـا لا تخلو مـن القـلـق ’ ثمـة حلـم مـر فـي ليلتهـا ’ ان الطاعون الرمادي قادم مـن عرين الموت ’ يحمـل الفنـاء مشحونـاً بالحقـد والكراهيـة ’ لكن برائتهـا ووداعتهـا وصفاء نيتهـا فسـرت الحلم على انـه اضغاث ’ انهـا لا تريـد ان تلوث فـرح اهلهـا بأحتمالات سوداويـة لا مبرر لهـا ’ غيـر ان حلـم فتـك الطاعون الرمادي كان حقيقـة تخترق الأجواء بأتجاههـا .
كان تفجيراً هنا واخر هناك تكررت خلال دقائق وانبعث الدخان الرمادي ’ حلبجة البريئـة الأمنة لـم تستسلـم الى قلقهـا واكتفت بالصلاة صامتـة مـن اجـل سلامـة اهلهـا ’ الدخان الرمادي يقترب منهـا بتقاسيمـه البعثيـة وعنصريـة روائحــه ’ كان الموت البعثي خاطفـاً سبق رغبتهـا فـي ان تبتلـع اهلهـا ليكون جسدهـا وحـده الفـداء والضحيـة ’ الطاعون البعثي كان مجهزاً بمصـل الأكتشافات الذكيـة للغـرب ممزوجـاً بهمجيــة الشرق ’ سقطت حلبجـة وأفترشـت جسدهـا جثث الضحايـا ام تحتضـن اطفالهـا وجـد يحنو على حفيـده ومدرسة فقدت روحها بلا وداع ’ الشوارع انسلخت عنهـا حياتهـا وارتدت الشمس كفن نهارهـا ونجوم الظهـيرة سواد ليلهـا ’ بكـى اللـه دمـوع المدن العراقيـة وانطفـأ الصبـح فـي عيون المتبقين .
مـر الطاعون البعثي وبدقائق ترك مقبـرة لأكثـر مـن عشـرة الآف شهيداً وارثـاً مـن المآسي والأوجاع لعشرات ومئآت السنين .
يقال ان ارادة الناس ورغبـة المدن ودعـاء اللـه يحيـي الموتـى ’ هـكـذا كانت ارادة المتبقين مـن بنات وابنـاء حلبجـة وحـزن الطيبين في العالم ودعـاء مـدن العراق واهلهـا وبكاء السماء دمـوع اللـه كفيلـة ان تعيـد الروح الى حلبجـة الشهيـدة .
استيقضت حلبجـة مـن موتهـا وعيونهـا مثقلـة بـرمد الطاعون البعثي ’ تبحث عـن ذاتهـا في دهاليز موتهـا ’ نهضت لكن جروحهـا غـائرة فـي الصميم .
حلبجـة البريئـة الوديعـة المضحيـة تنتظـر مؤآساة الكلمـة الطيبـة والفعـل التضامنـي لكنهمـا تأخرا كثيراً ’ ربمـا الذيـن سيقولون ويفعلون لـم يـولـدوا بعــد .
فـي ربيع عام 2007 زرت وبعض الأصدقاء مدينـة حلبجـة ’ كانت بوابتهـا مقبـرة جماعيـة هائلـة ’ قرأنا الفاتحة على ارواح الشهـداء وتركنا دموعـاً عراقية تذكر الحضايا ببراءة الأنسان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق