2015/02/13

من يرفع الحظر عن حزب البعث؟



مقالة  للدكتور عبدالرحمن جميل  نشرت في موقع جواكيج نضعها امامكم كما هي 

لوحظ على مجلس النواب العراقي في جلسته الأخيرة أن رئيسه
وبعض النواب مصابون بالصداع والحيرة في كيفية التعاطي مع بعض مشاريع القوانين التي إقترحتها الحكومة العراقية وقدمتها للمجلس لمناقشتها ثم التصويت عليها.
واحد من هذه القوانين يتعلق بالأستمرار في حظرحزب البعث وتجريمه أو رد الأعتبار له في هذه المرحلة الحساسة والمعقدة التي يمر بها النظام السياسي في العراق. من النواب من يرى أن إستقرار البلاد وأمنها مرهون بعودة حزب البعث ووجوده ، فيما آخرون يشككون في نوايا البعث مستندين في مواقفهم على ممارساته السابقة عندما كان الحزب الوحيد الحاكم في العراق ورفضه بل انتقامه من كل المنتمين لأحزاب سياسية دونه.
ويعتمد المشككون في نوايا حزب البعث في موقفهم أيضاً على بيانات الحزب المنشورة على صفحته الألكترونية (ذي قار) وتأكيده الأخير على عبارة (سنعود بقوة السلاح) كما يبثه تلفزيون (الفارس العربي) المملوك للحزب.
ويُلاحظ في بيانات الحزب خلُّوها من أي تلميح أو إشارة الى الرغبة في المشاركة مع الآخرين في العملية السياسية بل التأكيد على العداء والكراهية لكل التيارات السياسية المنضوية تحتها و الملتزمة بالتنافس الحر والسلمي وإحترام الرأي الآخر.
هذه البيانات تؤكد رفض البعث الكامل للعملية السياسية القائمة والكتل والأحزاب المشاركة فيها وعدم اعترافه بالدستور والقوانين النافذة وكل القرارات والإجراءات الصادرة منذ انهيار نظام الحزب الواحد وحل مؤسساته الحزبية والعسكرية والأمنية في نيسان 2003.
الذي يقرأ التاريخ السياسي المعاصر للعديد من دول العالم يرى أن قرارات صدرت من برلماناتها لحظر أحزاب سياسية لها أعداد لا يُستهان بها من المناصرين والمؤيدين.. علماً ان هذه الأحزاب كانت مشاركة من قبل في الحياة السياسية في ذلك البلد لكنها أخذت تروّج لأفكار وآراء تتناقض ومبدأ السلم الأجتماعي.
يتذكر الجميع أن الزعيم الفاشستي هتلر حرّم وجود أي تنظيم سياسي في ألمانيا عدا حزبه الحاكم.. كما فعل الدكتاتور صدام حسين عندما أعلن إنزال عقوبة الموت بحق من ينتمي الى أي تنظيم أو حزب سياسي دون البعث.
في تركيا قررت الحكومة حظر حزب (الرفاه) الذي كان ينتمي اليه الرئيس الحالي (طيب رجب أردوغان) والذي غيّر أسم حزبه الى حزب (العدالة والتنمية) الذي يحكم البلاد اليوم من خلال الأغلبية البرلمانية. وفي كوريا الجنوبية والهند وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وحتى روسيا توجد أحزاب لا يُسمح لها بالترشيح للأنتخابات بدعوى انتهاجها سياسات تروّج للعنصرية والكراهية وتقويض السلم الأجتماعي ونشر الفوضى الهدامة.
يبقى السؤال فيما اذا كان حزب البعث المحظور الذي يسعى سياسيون وأعضاء في مجلس النواب الى إصدار قانون يرفع الحظر عنه.. اذا كانت لديه النية في نبذ شعاره المقزز (بعث تشيده الجماجم والدم…) ويعتذر عن كل الذي ارتكبته تنظيماته وأجهزته خلال حقبة ما قبل 2003 ويتعهد أمام الشعب العراقي بقبوله الدخول في العملية السياسية على أساس مبدأ التنافس الحر في الأنتخابات ويتخلّى عن مبدأ اللجوء الى العنف ونزعة الكراهية والعنصرية والأستعداء الواردة لحد الآن في شعاراته وأدبياته وبما يتفق مع مبادئ الدستور.
أن خطوة صريحة وجريئة في هذا الأتجاه لا تحتاج الى وساطة آخرين.. بل أنها اذا ما جاءت من الحزب وعلى لسان قيادته (الحالية أو الجديدة) فأنها ستُسقط كل الأسباب الموجبة لأستمرار الحظر المفروض عليه، وبعكسه لماذا يريدون رفع الحظر عن حزب البعث؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق